بالأمس عدت إلى بيتي
انت في الصفحة 2 من صفحتين
حيث اجتمع الجيران والأصدقاء واصطفوا خلف الإمام ليصلوا علي.
ووسط هذا الزحام الشديد وجدتني أخترق الصفوف بيسر وسهولة دون أن ألمس أحدا.
كبر الإمام التكبيرة الأولى وأنا أصرخ فيهم يا أهلي يا جيراني على من تصلون !!!
أنا معكم ولكن لا تشعرون!!!
أناديكم ولكن لا تسمعون!!!
بين أيديكم ولكن لا تبصرون!!!
فلما استيئست منهم تركتهم يصلون وتوجهت إلى ذلك الصندوق وكشفت الغطاء أنظر إلى ذلك النائم فيه
ثم قال لازمتك ما يزيد عن أربعين عاما واليوم مآلي
إلى التراب ومآلك إلى الحساب !!!
ولم أشعر بنفسي إلا وأنا ملقى في التابوت فاقدا السيطرة على كل شئ أطرافي لم تعد تستيجب لي. لم أعد أرى شيئا لم أعد أقوى على الحراك أحاول الكلام فلا أستطيع.
ثم غمغمات المشيعين ....
ثم صوت التراب ينهال علي ....
ثم قرع النعال مبتعدة ....
أدركت حينها أنها النهاية ....
ولربما البداية ....
بداية النهاية ....
هكذا بكل بساطة ودون مقدمات !!!!!
مازال لدي الكثير من المواعيد
مازال لدي الكثير من الأشغال
مازال لدي الكثير من الديون التي لم أسددها ولم أوص بسدادها
أريد أن أوصي بفعل خير لطالما أجلته
أريد أن أنهى عن منكر لطالما رأيته
وشيئا فشيئا بدأت أختنق
ثم سمعت أصوات أقدام متجهة إلي
يا ويلتى سيبدأ الحساب !!!
هذا ما كان يقال لي في الدنيا
لابد أنهما منكر ونكير في طريقهما إلي
وبقيت أصرخ في قبري
رب ارجعون
رب ارجعون
رب ارجعون
لعلي أعمل صالحا فيما تركت !!!
كلا كلا كلا
ولازلت على هذه الحال حتي تدفق إلى مسامعي صوت رقيق يهمس في أذني بابا بابا الغدا يا بابا....
ففتحت عيني لأجد ابنتي وفلذة كبدي مبتسمة كعادتها في وجهي وهي تقول يلا يا بابا قبل الأكل ما يبرد
احتضنتها بلهفة وقبلت جبينها ثم تركتها تذهب ....
وجلست في فراشي برهة وأنا أشعر بإرهاق شديد وأطرافي ترتعد وجسدي يتصبب عرقا ....
.... ها يا نفس قد عدتي فأريني أي صالح ستعملين قبل أن يأتي يوم تسألين فيه الرجعى فلا يستجاب لك....
سارع بالخيرات بأعمال الصالحات
.......... وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ۖ وما تدري نفس بأي أرض ټموت ۚ إن الله عليم خبير
سورة لقمان 34
أسألكم دعوة برضا الله وحسن الختام