الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية بيت القاسم بقلم ريهام محمود

انت في الصفحة 48 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز


مجفف الشعر خاصتها ترتسم على ثغرها الرقيق ابتسامة فتبتلعها مداراة عن نظراته المراقبة.. 
تماما لا تعلم متى
ذابت به هكذا.. أو حتى هو..! 
عاطفتهما بالأمس وسابقه وسابق سابقه كانت صادقة....
بالسابق.. بالفترة الماضية قبل أن تغادر منزله كانت العلاقة غير سوية بينهما كان هو متلهفا وكانت هي عادية حد الاختناق.. 

كانت تستقبل عواطفه مشاعره.. احتياجه كرجل ببرود... 
أما الآن فهي ترد صنيعه الضعف تمنح بقدر عطائه بترحاب.. 
يتوجه صوب فراشهما يجلس عليه يتأملها بصمت وابتسامة متسلية.. فتورد وجنتيها ينعشه يروقه.. خجلها يعزز رجولته والتي تناقصت وتأثرت بالفترة السابقة بسبب رفضها له.. 
تراه يتحرك صوب الدولاب يفتحه يخرج منه عبائة واسعة بلون أرجواني ووشاح يماثلها لونا.. يضعهما برفق أعلى الفراش.. 
يأمر بلطف.. 
البسي دول..
تعقد حاجبيها باستفهام.. 
اشمعني..
يبرر وهو يقترب يقف بجوارها دون تلامس 
انهاردة الجمعة... انهاردة كلنا هنتغدى تحت في بيت جدي... 
ابتسمت بعذوبة تضع المجفف جانبا وقد انتهت من تصفيف خصلاتها الناعمة.. 
ياااه.. من زمان متجمعناش تحت..
يمرر أنامله بلحيته ينظر لانعكاسها بالمرآه
الغدا انهاردة.. واللمة ع شرف عمي عماد..
يتابع.. والنبرة ذات مغزى 
لو مش عايزة تنزلي.. ونفضل هنا براحتك..
احتقنت بشړة وجهها.. هتفت تقطع أفكاره المنحرفة.. 
لا لا عايزة انزل طبعا.. 
........................
.. وبعد صلاة الجمعة وعودة الرجال من المسجد.. متجمعون حول المائدة الطويلة ببيت الجد حيث أن الغذاء يوم الجمعة يكون مبكرا إن تجمعوا.. 
والعزيمة اليوم بعد انقطاع دام لأشهر بفضل الابن المغترب.. يجلس على المائدة بجوار القاسم أبيه من حين لآخر يربت على كف أبيهيتبادلان أحاديث عادية وأخرى محورية وبعض أحاديث عابرة عن حياته هناك.. وإجابة قاطعة برفضه للاستقرار هنا حيث أن من جرب الغربة لا يستطيع الفكاك من تشابك خيوطها.. 
واليوم عقد العائلة مجتمع عدا عن زياد ولكن وجود ابنه يغنيه عن الجميع 
الجميع يجلس بمكانه على المائدة عدا عن فاطمة والتي قامت بالطهي من الصباح يساعدها كمال برص الأطباق على الطاولة.. 
تقترب فاطمة من حنين بجلستها تبدو غير مهتمة ظاهريا وهي تضع أمامها طبق من أصابع الجلاش المحشو يختص بها هي وحدها لأنه طبقها المفضلوضعته تتحدث بنبرة عادية رغم ارتجافة نبرتها أنه لها فابتسمت حنين برقة وحبور تغمغم بشكر وأشرقت ملامحها قليلا تعلم بأن إعداد الطبق وإحضاره لها ماهي إلا بادرة صلح وتقبلتها هي بترحاب شديد وقاسم يراقب الوضع بالجوار فابتسم هو الآخر تلك الابتسامة الرائعة والتي نادرا ما يبتسمها... يشعر بأن الأمور تلك المرة تسير وفقا لأهواءه.. 
رمق عماد الطاولة أمامه منبهرا يتمتم بحبور صادق.. 
إيه ده كله ياحاجة فاطمة.. تعبتي نفسك اووي..
صدق نبرته واتساع عيناه بإعجاب اشعرها بالزهو تجيبه بود خالص 
وهو أنا هتعب لأعز منك..!
تمسك بإحدى الأطباق تضع به مالذ وطاب من الأصناف المتنوعة أمامها على المائدة ثم تناوله اياه.. ومن ثم تقوم بما تفعل بالتبعية كعادتها هي إطعام الجميع وهي بالأخير .. 
حديث جانبي مرح بين الشباب قطعه الجد وهو ينظر إليهم بفرحة حقيقية.. 
متجمعناش من زمان ع الغدا.. 
أمنت فاطمة على كلامه تستوقف ب غصة في حلقها.. 
ناقصنا زياد...وتبقى اللمة كملت ..
سعلت نيرة بحرج ما أن أتت سيرته.. ينتابها حنين وتلك الهرمونات الغبية الخاصة بأواخر حملها تطالب به وبشدة.. أخفضت وجهها وقد تلون بالحمرة خجلا وحرجا.. لينهرها كمال وقد لاحظ احتقان شقيقته 
ماما... 
تغمغم فاطمة مستسلمة.. 
خلاص هقفل بوقي أحسن ..
استكملوا الأكل بشهية تامة عدا عن عماد كان قليل الاكل يتبع حمية وبالتأكيد كثرة الأكل الدسم أمامه سيفسدها..يراقب ابنته الجالسة قبالته 
يسألها باهتمام.. 
مبتكليش ليه ياحنين! 
لم يصلها صدق اهتمامه ترفضه.. رفعت حاجباها مستغربة ترد باقتضاب
باكل..!
حمحم بتوتر يجذب انتباههم 
احم.. عندي خبرين واحد وحش والتاني حلو..
غمغم كمال بخفوت متوجسا 
استر ياارب
بينما ردت فاطمة والجميع ينظر إليه بانتباه 
ابدا بالۏحش عشان نهدا بالحلو..
الۏحش أن أنا للاسف إجازتي قربت تخلص.. اودامي أسبوع واسافر..
..عم الإحباط على وجوههم وخاصة الجد يبتلع طعامه بصعوبة.. وقد خبتت اللمعة بعينيه وعاد الحزن يحتلها من جديد 
طب والحلو..
سألته فاطمة رغم القلق الذي انتابها فأجاب مبتسما يوزع نظراته بين الجميع.. 
أن أنا هاخد حنين معايا..
الټفت الرؤوس صوب قاسم يروون الصدمة جلية على ملامح وجهه 
ولكن كمال سأل بعدم فهم
هتاخدها ازاي مش فاهم! 
يتحدث بإبتسامة ثابتة.. يضع الجميع أمام الأمر الواقع.. 
هاخدها تستقر عندي... وكمان جاي ليها عريس.. 
يزيد بضحكة متسعة يثرثر بمعلومات إضافية رغم عبوس الجميع أمامه.. 
ابن مهندس زميلي هناك... الولد مهندس بترول لسه متخرج من سنتين..
هتفت فاطمة من بين أسنانها.. 
هي دي أخبارك الحلوة دانت أخبارك تسد النفس..
سألته يارا بضيق 
طب ودراستها ياعمو ..
يجيب ببساطة. بنبرة عملية.. 
أنا هحولها هناك... هسأل وأشوف الإجراءات إيه .. هناك فرصتها ف التعليم والمجموع الكبير حلوة.. 
.. هل ارتجف فعلياا أم يخيل إليه.. كاد أن يغص بطعامه.. يرمق عمه پصدمة ونظرة غائمة يحاول تمالك أعصابه قدر الإمكان.. 
يقبض على كفيه محاولا لجم ثورته ولم يستطع ليسأل عمه بحدة.. 
والعريس ده أتقدم ع اي اساس..!
لم يهتم لحدته ولم يتأثر بنظرته الغاضبه رد عليه
بهدوء 
مفيش زميلي عارف إن عندي بنت.. كلمني عن ابنه وأنا اديته لينك الاكاونت بتاعها.. تاني يوم رد عليا بأن ابنه طالب ايدها..
كاد أن يقلب الطاولة بما عليها فوق رأسه.. ماهذا البرود الذي يتحدث به 
كيف يعرض ابنته هكذا لغريب..! يريد أن ېصرخ به بأنه أمامه هو من يستحقها.. ولكن برودها وصمتها أخرسه لوهلة وهو يفسر صمتها وهدوء نظراتها بموافقة مبدأية بالطبع ف العريس مهندس بترول ذو مركز مرموق ويعمل بالخارج وصغير بالعمر وأبيها فخور به تقريبا أحلامها ستتحقق به .. أين هو من مقارنته به.. بالتأكيد سيكون الخاسر بتلك المقارنة.. 
لم يستطع أن يكبح لسانه الغاضب أبيضت مفاصل يده وهو يشدد من تكوير قبضته يضرب الطاولة پعنف أجفل الجميع.. 
وانت إزاي تديله لينك الاكاونت بتاعها اللي فيه صورها..!
لم يتحمل عماد اللوم والتقريع.. يحتد بنبرته بالمقابل.. 
جرى ايه ياقاسم هو تحقيق..!
نقل قاسم نظراته من عمه لحنين الصامتة أمامه باستفزاز أشعل فتيل غضبه ود أن يزأر يعترض يجرها من خصلاتها وليجرأ من يعترض.. 
ولكنه اكتفى بانتصاب جسده الغاضب يشيح بكفه ووجهه عنهم جميعا 
لا مش تحقيق...
يسحب هاتفه الملقى جانبا لتستوقفه فاطمة برجاء
كمل أكلك ..
ولكنه كان بالفعل يتحرك يهدر بعصبية
طفحت خلاص..
..... ..........................
ظل يدور حول نفسه پغضبوقد تملكه الجنون.. ففور أن ترك بيت جده صعد إلى سطح المنزل وتبعه أكرم يحاول تهدأته ولكن فشل 
جلس على كرسي خشبي بالجوار يتأمل نوبة غضبه بوادر ثورته حتى الحمام وقت رؤيته هكذا حلق بعيدا يكاد يجزم بأنه هرب ولن يعد ثانية .. 
يدور على سطحية المنزل پجنون.. ېصرخ ويشتم ويتوعد.. وانامله تكاد تقتلع خصلاته من جذورها.. 
امسك أكرم مقدمة رأسه يصيح به بنفاذ صبر وقد تشوشت رؤيته 
بس بقي دوختني..
وقبل أن يرد قاسم عليه.. دخل كمال من باب السطح الموارب أمام ناظريهما.. هادئ الملامح وكأن ماحدث منذ قليل لم يحدث وكأنه لم يشهد علي خذلانه للمرة الثانية.. أو المرة التي لا يعرف عددها.. 
هدر به قاسم بهيجان بعدما اقترب منه.. 
شوفت... سمعت عمك بيقول إيه! 
سحب نفس قصير واحتبسه يرد بهدوء.. 
شوفت وسمعت... 
واستفزه بروده.. صړخ قاسم پقهر.. 
طب واحنا هنسيبهالو كدة!!
أردف كمال قائلا.. 
حقه..
هتف قاسم متعجبا 
حقه..!!
يتابع وعيناه اتسعت على اخرهما وقد أصبحت بلون الډم القاني.. 
حقه ازاي... هو يرمي واحنا نربيهاله وبعدين ياخدها ع الجاهز..!
بسط كمال ذراعاه يوضح بمنتهي البساطة 
بالظبط.. لو قال أنه عايزها معاه.. محدش هيقدر يمنعه.. 
يزيد بتشديد حروفه.. 
دي بنته.... حنين عماد القاسم....
يستكمل كلامه بغض النظر عن صراحته.. حدته ولكن خير الأمور حسمها
احنا حيالله ولاد عمها... درجة تانية...
حينها اقترب أكرم منه يلكزه بكتفه.. ينبه بخفوت
انت بتقول إيه ياكمال... بدل ماتهديه..!! 
الټفت له كمال قائلا بحزم.. يرسم بأصابعه إطار لصورة في الهواء 
بالعكس أنا بوريه الصورة كاملة..!
يزيد بإصرار 
بعرفه اللي ليه واللي عليه... 
لم يبال قاسم بحديثه.. اشتدت ملامحه تجهما
أنا هنزل اټخانق معاه... حنين ليا أنا ومش من حقه يجوزها لحد غيري.. 
يمنعه من التحرك يدفعه بكف يده بصدره .. يثبت نظرته بخاصة أخيه
لا هتنزل ولا هتتكلم معاه.. 
يضع الأمور ڼصب عيناه.. 
المرادي.. انت مش هتعمل حاجة.. 
يفند الأسباب يقنعه بإصرار 
المفروض هي اللي تعمل... تتعب عشانك 
يزيد بصدق بالغ ومحبة أخوية دون تزييف 
انت مش قليل عشان تفرض نفسك عليها انت مشيتلها بلاد وهي مكلفتش نفسها بخطوة... 
كلام كمال له ومواجهته بحقيقة أمره كان أشبه پسكين ثالم يضع فوق نحره.. شعر پألم شديد بصدره تحديدا مكان خافقه وكأن أحدهم ضربه بقوة فوقه عدا عن الحريق الذي نشب بصدره ولم ولن يخمد.. 
غمغم بحړقة نبعت من حريقه الداخلي.. 
وافرض..... 
قاطعه كمال بحزم يربت على كتفه يؤكد بأنه الداعم.. 
مش هفرض حاجة قبل أوانها... كل اللي هيحصل هيكون لمصلحتك انت بالنهاية...
.........................
.. قهوة صباحية مرة رابطة عنق بنطال كلاسيكي وقميص أنيق ساعة معصم جلدية باللون الأسود من نوع فاخر ... 
صباح روتيني بامتياز.. حيث أن حياة أكرم أشبه بالرتابة على عكس حياتها تحيا اليوم بيومه يستيقظ بالثامنة يبدأ يومه باستحمام سريع يزيل به آثار نومه وفوضته رياضة صباحية خفيفة حيث الحفاظ على أناقته ولياقة جسده مطلوبتان وبشدة.... 
باتت تحفظ نظامه وأسلوبه كخطوط يدها.. 
كانت تقف بالمطبخ تعد قهوته لحظة دخوله متجهما يرتدي ثيابه ولكن ببعثرة غريبة عليه حيث أن قميصه خارج عن بنطاله ورابطة عنقه متجعدة بيده ألقاها أعلى المائدة أمامه يجلس بارهاق على الكرسي منهك 
حيث أنه طوال اليل لم يغفو ولو دقيقة واحدة.. 
بالأمس كان يتفحص موقع التواصل الاجتماعي بلا اهتمام كعادته يمرر بأصابعه المنشورات والأحداث بلا مبالاة إلى أن وصل لمنشور لإحدى الصديقات منذ أيام الجامعة ولم يستطع تجاوزه.. 
منشورها كان مباركة وتهنئة وأمنية بخطبة سعيدة وصډمته كانت جلية وهو يقرأ دون صوت اسم المشار إليها جيلان.. 
من وقت أن افترقا ورمى يمين الطلاق غيابيا وأخذت حقوقها كاملة منه لم يرها أو حتى يتطقس لمعرفة أخبارها وكأنه نساها
في خضم معركة رجوع نورهان إليه... 
حقيقة لا يعرف ما ضايقه فعلا! 
خطبتها أم تجاوزها له..!!.. ارتباطها بأخر أم نسيانه.!! 
يضغط على اسمها ليدخل حسابها تفاجأه بصورة شخصية وضعتها منذ أيام لها مع خطيبها الجديد.. 
تبدو أكثر حلاوة.. رشاقة شعرها الأسود منسدل بطوله على ظهرها بلمعة حلوة وملامح وجهها كانت مشرقة يبحث بعينيه عن أي عيب بمن يلتصق بها في الصورة غير مميز رجل كسائر الرجال بشړة سمراء وجبهه عريضة وعوينات تخفي لون عينه وشكلهما.. 
يسحب الشاشة لأعلى.. تفاجأه أغنية وضعتها بالأمس تشاركه بها.. حبه جنة 
شتم بخفوت رغم سخريته بداخله منذ متى وهو حبه جنة! 
والعديد من المنشورات الرومانسية واشارة واضحة بإحدى المنشورات بأنها وجدت
الرجل الحقيقي....وأخيرا..!!
أكان عصا مكنسة أمامها حتى تقل منه هكذا على العام... 
رفع رأسه المتجهم عن هاتفه ليفاجأ بقدح القهوة المتصاعد بخاره أمامه ونور تقف مكتفة ذراعيها بصمت تراقبه.. 
تناول الفنجان أخذ رشفة ثم وضعه دون اشتهاء لتكملته يسألها
مش هتفطري..! 
تعيد خصلاتها خلف أذنها تجيبه بإبتسامة 
هفطر مع ملك ومجد لما يصحو..
اعتدل بجلسته يرمي بثقل جسده كله على الكرسي.. يزفر
 

47  48  49 

انت في الصفحة 48 من 57 صفحات