الأحد 24 نوفمبر 2024

يقول أحد الإخوة من قرى الجزائر

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز

كل من في المستشفى يخدمني خدمة استغربت من مستواها الراقي جدا ولم اسمع بها سوى في مستشفيات الدول المتقدمة في هذا المجال..!!
وبعد ثلاثة ايام امرني الطبيب الذي اجرى العملية الجراحية لابنتي بمغادرة المستشفى فطلب مني الشاب الذي التقيته اول يوم ان تمكث الطفلة في بيته اسبوعا اخر حتى تسترد عافيتها وتستكمل نقاهتها لان السفر متعب والمسافة بعيدة!! 
استحييت من كرمه وخيره وقولت له سنعود لقريتنا افضل لكنه اصر اصرارا شديدا واستجبت له ومكثت في ضيافته سبع ليال وكانت زوجته تخدم ابنتي وكان هو واولاده يترفقون بي وبابنتي ويعاملونني بمنتهى الرقة واللطف والادب !!
وفي الليلة السابعة لما وضعوا الطعام على المايدة وتحلقوا للعشاء امتنعت عن الطعام وبقيت صامتا لا اتكلم ..
قال لي الشاب كل يا عم كل ما الم بك ! 
قلت وبصوت مرتفع ونبرة حادة والله لن اذوق لكم طعاما الا اذا اخبرتموني من انتم ومن تكونون
انت تخدمني طوال اسبوع كامل ومن قبل بالمستشفي وانا لا اعرفك.. تخدمني وتبالغ في اكرامي وكانك تعرفني او احد اقاربك وانا لم التق بك من قبل سوى مرة واحدة في المستشفى 
من انت بالله عليك !
قال يا عم كل هيا كل وبعد العشاء اخبرك.. 
قلت والله لن تدخل فمي لقمة واحدة ولن اكل طعامك ان لم تخبرني من انت ومن تكون
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وامام اصراري.. اطرق براسه قليلا.. ثم قال بنبرة خاڤتة يا عمى ان كنت تذكر فانا ذاك الطفل الذي اعطيته خمسة دنانير سنة 1964 عندما كنت اجلس خلفك في الحافلة 
انا فلان ابن فلان.. 
قلت له اه تذكرت انت ابن فلان رحمةالله عليه من قريتنا ..
نعم نعم لقد تذكرت ..
يومها كنت في الحافلة متجها من قريتنا الريفية الى احدى المدن القريبة وكان يجلس خلفي صبيان عمرهما لا يتجاوز على ما يبدو الخمسةعشرةعاما سمعت احدهما يحدث الاخر قايلا له هذا العام شحت السماء والخريف يوشك ان ينصرف والارض لا تنبت شييا وابي فلاح فقير ليس بيده ما ينفقه علي ولذلك فانا مضطر لترك الدراسة هذا
العام!! لعدم استطاعت ابي علي مصاريف الدراسة.
لما سمعت الطفلين يتحدثان عن الفقر والحرمان بهذا الوعي الذي لا يدركه الا الكبار تاثرت وضاقت علي الارض بما رحبت!! 
وعلى الفور اخرجت من جيبي خمسة دنانير واعطيتها للصبي وقلت له خذ هذه الدنانير والمبلغ انذاك كبيرا وكان يفي لشراء الادوات المدرسية كلها.. 
رفض الصبي اخذ الدنانير فقلت له ولماذا يا ولدي! قال ربما يظن ابي اني سرقتها قلت قل له فلان بن فلان اعطاني اياها لش
راء الادوات المدرسية فان اباك يعرفني تمام المعرفة.. 
تهللت اسارير الطفل وتناولالدنانيرالخمسة وابتسم ابتسامة الرضا والسرور ودسها في جيبه.. 
ونسيت من يومها هذا الموقف مع ذاك الصبي.
قال الشاب انا يا عم ذلك الصبي ولولا تلك الدنانير الزهيدة لما اصبحت اليوم بروفيسورا في اكبر مستشفى بالجزاير.. 
وها قد التقينا بعد ان من الله علي باعلى المراتب في انبل واشرف المهن فقد افترقنا سنة 1964 وها نحن نلتقي سنة 1994 بعد 30 سنة بالتمام والكمال!!
والحمد لله ان قدرني ربي لارد لك بعض الجميل.. 
يا عم الدنانير الخمسة التي اعطيتها لي صنعت مني استاذا في الطب.. 
يا عم والله لو اعطاني احد كنوز الدنيا لما فرحت بها الان كفرحي يومها بتلك الدنانير الزهيدة.
يا عم افضالك علي كبيرة والله مهما فعلت فلن ارد لك الجميل.
فاسال الله ان يجازيك خير الجزاء في الدنيا والاجر الكبير في الاخرة.
الشاهد من القصة هي 
صنايع المعروف تقي مصارع السوء ..
وكما تدين تدان .. وكل ساق سيسقى بما سقى يوما ما

انت في الصفحة 2 من صفحتين