منذ فترة طويلة عاش عند سفح جبل إحدى القرى
انت في الصفحة 1 من صفحتين
من الأساطير اليابانية الخالدة
منذ فترة طويلة عاش عند سفح جبل إحدى القرى البعيدة مزارع فقير وأمه الأرملة المسنّة ، كانا يملكان أرضاً صغيرة
يزرعونها لتزودهم بالغذاء على مدار السنة ، وقد عُرف عنهما تواضعهما وسلميتهما في مدينة يحكمها زعيم مستبد بسط نفوذه على أراضٍ شاسعة من البلاد ، وبسبب عدم تحليه بالحكمة واعتماده القوة في إدارة شؤون حكمه ، فقد أصدر أمراً قاسياً يسري على جميع البلاد بإعدام جميع المسنين لأنهم كانوا يمثلون رجاحة العقل التي افتقدها وخوفه من أن يتأثر بهم أولادهم وأحفادهم فيشكلون خطراً على حكمه .
المزارع الفقير كان يحب والدته المسنّة ويقدسها ، لكن الحزن كان يملأ قلبه نتيجة لقرار الحاكم الظالم ففكر بطريقة يستطيع من خلالها النجاة بها ، فعند غروب الشمس عندما انتهى عمله اليومي ، أخذ كمية من الأرز الذي كان الغذاء الرئيس للفقراء فطبخه وجففه ووضعه في قطعة قماش مربعة ربطها إلى قطعة أخرى طويلة تتدلى من حول عنقه ، جنباً إلى جنب مع قربة مصنوعة من الجلد احتوت على ماء بارد ، ثم رفع والدته المسنّة على ظهره وبدأ في رحلته الطويلة حتى الجبل .
وكان الطريق طويلاً وحاداً وفيه الكثير من التعرجات الخطړة سلكها جميعاً صعوداً نحو القمة التي كان يطلق عليها أوباتسوياما، أي جبل " التخلي عن المسنين " ، أما الأم فكانت كلما مرّ ابنها بأشجار قطعت من أغصانها المتدلية لترميها في الطريق الصاعد إلى أعلى الجبل دون أن تلفت انتباهه ، أخيراً تم وصولهما إلى القمة فأنزلها برفق وأعد لها مكاناً ترتاح فيه من أغصان الصنوبر الساقطة ، تفحص ملابسها وعندما انتهى من كل ذلك ودعها بعيون دامعة وقلب حزين ، لكنها استوقفته قائلة :
" أبصر الطريق جيداً ولدي واتبع مساره الذي فيه أكواماً من الأغصان التي سوف ترشدك إلى الطريق الصحيح " ، نظر إليها ابنها بعيون دامعة وبقلب مكسور ثم ما لبث أن ركع على الأرض وهو يبكي وينتحب ثم انتفض فجأة ليقول لها وهو يمسح دموع عينيه :" لن أتركك وحيدة يا أمي ، سنتبع سوية طريق الأغصان ، سنعيش معاً أو ڼموت معاً " .