حكاية الفقير والوزير
من أدب الحكمة
لا تيأس من رحمة الله
كان أحد الرجال فقيرا معدما ذو عيال كثير يعمل من الصباح إلى المساء حمالا يسوق حماره بأغراض الناس مقابل دراهم قليلة يشتري بها لهم طعاما و في كثير من الأيام لا يحصل إلا على ثمن الشعير للحمار ويبيت جائعا مع زوجته وأولاده .وذات يوم جاءته حمولة كبيرة فاشترى لأهله ألوانا من الطعام وملأ كيس الحمار بالشعير وقصد بيته وبينما هو في بعض الطريق سأله امرأة عن أحد الأزقة فتوقف وأشار لها إلى الطريق كانت جميلة فأخذ ينظر إليها وهي تبتعد وعندما الټفت وراءه لم يجد الحمار فبحث عنه في كل مكان ودار في الحارات وهو ينادي ويسأل عنه حتى تورمت قدماه ولكن دون جدوى فأدرك أن لصا سرقه !!!
فما كان منه إلا أن رفع يديه إلى السماء وقال يا رب كل الأيام لا أرزق إلا بالقليل ويوم فتحت علي باب الرزق سرق أحدهم الحمار ومضى إلى الملك غاضبا يريد أن يشكو إليه سړقة حماره فمنعه الحرس من الدخول فأخذ يصيح حتى سمعه الملك فأطل من نافذة القصر فرأى ذلك البائس الفقير فأشار إلى الحرس أن يأذنوا له بالدخول فمثل بين يديه والدموع على خده فطيب خاطره ثم سأله عما حدث فروى له حكاية المرأة الجميلة فضحك الملك وقال حمارك ثمن النظر إليها فمع بنات حواء لا يوجد شيئ بالمجان !!! وأمر له بعطاء جزيل فخرج مسرورا وهو لا يصدق ما تراه عيناه وكان الوزير إلى جانب الملك يسمع ويرى فحز في إليه أنه ليس إلا محتالا اختلق تلك القصة ثم طلب من الملك أن يأتي به ليمتحنه و يكشف احتياله فأرسل الملك الجند وراءه فأحضروه فدخل مذعورا فأخبره الملك أن الوزير يريد أن يسأله عن شيئ إن عرف الجواب أجزل له العطاء وإن لم يعرف قطع رأسه فاضطرب الفقير واغتم ولكنه أذعن لرغبة الملك عندئذ سأله الوزيرأين أول الدنيا وأين آخرها فكر قليلا ثم أجاب تبدأ الدنيا وتنتهي عند أقدام الملك !!! فسر هذا الأخير بالجواب ونظر إلى الوزير فإذا هو صامت لا يجد ما يقوله فأمر للفقير بضعف ما أعطاه أول مرة فأخذه الرجل وخرج فرحا والوزير يتميز من الغيظ وقال في نفسه لقد أسعفك الحظ هذه المرة أيها الوغد سنرى ما تفعله المرة القادمة !!! و لم يلبث أن مال على الملك وأكد أن ذلك الفقير إحتال عليه ثم طلب منه أن يرسل في طلبه مرة أخرى فهذه المرة سيكشف خبثه فأرسل الملك الجند وراءه فأحضروه دخل الفقير وقد أدرك أن الوزير يكيد له ويغري
الملك عليه أعلمه إن عجز على الجواب فسيفقد رأسه رضخ الفقير فليس في الأمر حيلة سأله الوزير أين يوجد وجه الله فكر الفقير قليلا ثم طلب من الملك أن يأمر بإحضار شمعة فلما جاءوا بها أشعلها ووضعها أمامه ثم سأله أين نور الشمعة أجاب الملك في كل الجهات فالټفت الفقير إلى الوزير وأجابه وجه الله نور وهو في كل مكان. فأعجب الملك بجوابه أيما إعجاب وأجزل له العطاء فأخذ المال وخرج مزهوا بنصره ازداد ضيق الوزير وأمضى ليلته في أسوء حال.
ولكن لم يلبث أن حزم أمره ومال على الملك وقال إن ذلك الفقير هو مشعوذ بارع في الكلام ولقد حان الوقت ليسترجع ما أعطاه له ويعاقبه على مكرهإقتنع الملك وأرسل في طلبه لما حضر الفقير قال له للوزير سؤال أخير فإما أن أهبك بستانا من النخيل أو أعلق رأسك على باب المدينة !!! أيقن الفقير أنه لن ينجو هذه المرة فطلب أن يصلي ركعتين وعندما أتم صلاته أحس بالثقة في نفسه ولاح عليه التصميم ولما أعاد عليه الملك الشرط أكد بحزم موافقته وقال للوزير هات ما عندك !!!.عندئذ سأله ما هو عمل الله لم يجب الفقير وفرح الوزير وقال في نفسه هذه المرة وقعت ليس في كل مرة تسلم الجرة !!!لكن الفقير الټفت إلى الملك وسأله أن يعطيه الأمان فأومئ له برأسه فطلب منه أن يأمر الوزير بخلع ثيابه فأمره بذلك دهش الوزير وارتبك محاولا التملص ولكن الملك أشار عليه بعدم النقاش ففعل و خلع الفقير ثيابه وألقاها على الوزير ثم طلب منه إرتدائها فأمره الملك أن يرتدي ثياب الفقير فتردد الوزير ثم تبسم واصطنع المزاح ولكن الملك نظر إليه بحدة فلم يجد بدا من الانصياع فارتدى ثيابه و لبس الفقير ثياب الوزير .
ثم الټفت إلى الملك يسأله أن يأمر الوزير بالنزول عن كرسيه فأشار له أن يفعل فحار في أمره وأحس أنه وقع في الفخ الذي نصبه للفقير صاح الملك في وجه وزيره هيا تزحزح عن المقعد فلقد طال جلوسك عليه !!! عندئذ صعد الفقير إلى جانب الملك وجلس على كرسي الوزير ثم الټفت إليه وقال هذا هو الجواب على سؤالك إن عمل الله أن يرفع ناسا درجات وأن ينزل آخرين درجات !!!
فأعجب الملك بذكاء الفقير وقال له لقد رضيت بحكم الله فأنت منذ اليوم وزيري فبهت الوزير وصعق وقبل أن ينطق بشيئ أمر الملك الجند أن يجلدوه عشرين چلدة على لؤمه ثم الټفت إلى الفقير وقال له أهنأك على فطنتك فالدنيا ظالمة وعندما جاء حظك عرفنا قيمتك وبان لنا معدنك أما الوزير فلم يحمد الله وإستكثر عليك رزقك فأخذ الله منه النعمة لا شيئ يدوم هكذا هو الحالوسعد
من فعل خير في دنياه.