الإثنين 25 نوفمبر 2024

بائعه المناديل

موقع أيام نيوز

تحكي سيده و تقول.. ❀
كنت كلما مررت بذاك الشارع المجاور للجامعة أثناء تحضير رسالة الماجيستير وجدت نفس الفتاة تجلس و قد وضعت أمامها بعض أكياس المناديل بينما انشغلت هي بالكتابة في أوراق بيدها لم أهتم في البداية و مرة بعد مرة زادني الأمر فضولاً ترى ماذا تكتب ؟!
وقفت لأشتري منها مناديل و قلت ماذا تفعلين ؟

أجابت دون أن تنظر أحاول انهاء الواجب المدرسي قبل عودة أمي ..
و أين أمك !
في إحدى البيوت المجاورة تمسح السلالم 
هل تذهبين الى المدرسة ؟
نعم فبعد ۏفاة أبي أصرت أمي على أن ندرس 
هل لديك أخوات !
نعم ثلاثة من الاناث و أثنين من الذكور ..
أين هم !
اختي الكبرى تجلس مع الصغار و تعد أعمال المنزل ريثما نعود في آخر النهار بينما يعمل أخي سالم في إحدى ورش السيارات و يعمل ابراهيم في مسح السيارات . 
استكملت الحديث معها كثيراً و حاولت أن أعطيها المزيد من النقود لكنها لم تقبل أبداً 
لكن عرفت من حديثها أنها تدرس في مدرسة الحي في الصف الثالث الإبتدائي 
في اليوم التالي فذهبت الى المدرسة و سألت عنها رأيتها تجلس وحدها ليس لديها أي أصدقاء أو ربما ينفر الجميع منها كما أخبرتني المعلمة حتى أن ملابسها تبدو قديمة لا تملك أي مصروف شخصي كزميلاتها على الرغم من كونها متميزة جداً و ذكية في دراستها فأحزنني ذلك كثيراً فقدمت إلى المديرة بعض المال و طلبت منها أن تكرم هذه الفتاة في اليوم المقبل باعتبارها طالبة مثالية و تقدم إليها هدية تشمل بعض الدفاتر و الأقلام و ماينقصها في دراستها مع ثوب جديد و ذلك لعفة نفسها و عدم تقبلها الصدقة من أحدهم 
لم تمانع المديرة في ذلك كما أنها أمدتني أيضاً بعنوانها كما طلبت منها .
عدت يومها الى منزلي و بداخلي جزء كبير من الراحة  لشعوري أنها ستفرح كثيراً بذلك و بينما نتناول العشاء  لم يكن زوجي على مايرام حاولت أن اعرف ماذا يحزنه هكذا لكن لم يتحدث توقعت كما لو أن أحداً من أهله حدثه بشأن الإنجاب الذي تأخر أربعة أعوام ، ولا يريد أن يخبرني كيلا أحزن.

في اليوم التالي وقبل ذهابي إلى الجامعة ذهبت إلى منزل الفتاة وأخبرت والدتها أني سأقدم إليها في كل شهر مبلغ من المال ،

لأجل دراسة إبنتها مع تأكيدي لها أن هذه جائزة من المدرسة لكونها طالبة مثالية.

فرحت الأم كثيرا بهذه المنحة وبقيت أنا على وعدي لطوال سنوات كثيرة ،

عشت هذه السنوات في سعادة كثيرة كان الخير يأتي إلي من كل باب أقصده ،

أنجبت إثنين من الإناث ومثلهم من الذكور ، حصلت على الماجستير وتبعته بالدكتوراه ،

ترقى زوجي في عمله مرات متكررة ، تبدلت حياتنا كثيرا ، ولم يكن يعلم زوجي كيف ذلك ،

بينما كنت أعلم أنه سر الصدقة التي أقوم بها إلى هذه البنت وكلما إزددنا كلما قدمت إليها المزيد.
اليوم أراها تجلس بين طلابي في كلية الطب تعد أكثرهن تفوقاً وتميزًا ،

لا تعلم أني معها منذ طفولتها ولا تعلم أنها سر كل ما وصلت إليه في حياتي.